قرر صاحبنا الزواج وطلب من أهله البحث عن فتاة مناسبة ذات خلق ودين, وكما جرت العادات
والتقاليد حين وجدوا إحدى البنات وشعروا بأنها تناسبه ذهبوا لخطبتها ولم يتردد أهل البنت في
الموافقة لما كان يتحلى به صاحبنا من مقومات تغري أية اسرة بمصاهرتة وسارت الأمور كما
يجب وأتم الله فرحتهم، وفي عرس جميل متواضع اجتمع الأهل والأصحاب للتهنئة.
وشيئاً فشيئاً بعد الزواج وبمرور الأيام لاحظ المحيطون بصاحبنا هيامه وغرامه الجارف بزوجته
وتعلقه بها و استغربوا حب زوجها لها. أي نعم هم يؤمنون بالحب ويعلمون أنه يزداد بالعشرة
ولكن الذي لايعامونه أو لم يخطر لهم ببال أنهما سيتعلقان ببعضهما إلى هذه الدرجة.
وبعد مرور ثلاث سنوات على زواجهما بدؤوا يواجهون الضغوط من أهاليهم في مسألة الإنجاب،
لأن الآخرين ممن تزوجوا معهم في ذلك التاريخ أصبح لديهم طفل أو اثنان وهم مازالوا كما هم
وأخذت الزوجة تلح على زوجها أن يكشفوا عند الطبيب عل وعسى أن يكون أمراً بسيطاً ينتهي
بعلاج أو توجيهات طبية.
وهنا وقع ما لم يكن بالحسبان، حيث اكتشفوا أن الزوجة عقيم )!!
وبدأت التلميحات من أهل صاحبنا تكثر والغمز واللمز يزداد إلى أن صارحته والدته وطلبت منه
أن يتزوج بثانية ويطلق زوجته أو يبقيها على ذمته بغرض الإنجاب من أخرى، فطفح كيل صاحبنا
الذي جمع أهله وقال لهم بلهجة الواثق من نفسه تظنون أن زوجتي عقيم؟!
إن العقم الحقيقي لا يتعلق بالإنجاب،أنا أراه في المشاعر الصادقة والحب الطاهر العفيف وراض
بها وهي راضية فلا تعيدوا لها سيرة المضوع التافهه أبداً.
وأصبح العقم الذي كانوا يتوقعون وقوع فراقهم به،سبباً اكتشفت به الزوجة مدى التضحية
والحب الذي يكنه صاحبنا لها وبعد مرور أكثر من تسع سنوات قضاها الزوجان على أروع ما
يكون من الحب والرومانسية بدأت تهاجم الزوجة أعراض مرض غريبه اضطرتهم إلى الكشف عليها
بقلق في أحد المستشفيات،
وبعد تشخيص الحالة وإجراء اللازم من تحاليل وكشف طبي، صارح الأطباء زوجها بأنها مريضة بداء
عضال عدد المصابين به معدود على الأصابع في الشرق الأوسط ، وأنها لن تعيش كحد أقصى أكثر
من خمس سنوات بأية حال من الأحوال والأعمار بيد الله.
ولكن الذي يزيد الألم و الحسرة أن حالتها ستسوء في كل سنة أكثر من سابقتها، والأفضل إبقاؤها
في المستشفى لتلقى الرعاية الطبية اللازمة إلى أن يأخذ الله أمانته. ولم يخضع الزوج لرغبة الأطباء
ورفض إبقاءها لديهم وقاوم أعصابه كي لاتنهار وعزم على تجهيز شقته بالمعدات الطبية اللازمة
لتهيئة الجو المناسب كي تتلقى زوجته به الرعايه فباع كل ما يملك واشترى من أجهزة ومعدات طبية،
جهز بها شقته لتستقبل زوجته بعد الخروج من المستشفى وكان أغلب المبلغ المذكور قد تدينه بالإضافة
إلى بعض النقود اقترضها من البنك .
واحضر لزوجته ممرضة متفرغة كي تعاونه في القيام على حالتها، بالخروج، وكان أحياناً لا يتجاوز
وجوده في العمل الساعتين ويقضي باقي ساعات يومه عند زوجته يلقمها الطعام بيده، ويضمها إلى
صدره ويحكي لها القصص والروايات ليسليها وكلما تقدمت الأيام زادات الآلام، والزوج يحاول
جاهداً التخفيف عنها.
وكانت قد أعطت ممرضتها صندوقاً صغيراً طلبت منها الحفاظ عليه وعدم تقديمه لأي كائن كان،
إلا لزوجها إذا وافتها المنية .
وفي يوم بعد صلاة العشاء كان الجو ممطراً وصوت قطرات المطر حين ترتطم بنوافذ الغرفة
يرقص لها القلب فرحاً.. أخذ صاحبنا ينشد الشعر على حبيبته ويتغزل في
عينيها، فنظرت له نظرة المودع وهى مبتسمة له.. فنزلت الدمعة من عينه لإدراكه بحلول ساعة
الصفر.. وشهقت بعد ابتسامتها شهقة خرجت معها روحها وكادت تأخذ من هول الموقف روح
زوجها معها. ولاأرغب في تقطيع قلبي وقلوبكم بذكر ما فعله حين توفاها الله ولكن بعد الصلاة عليها
ودفنها بيومين جاءت الممرضة التي كانت تتابع حالة زوجته فوجدته كالخرقة البالية،فواسته وقدمت له
صندوقاً صغيراً قالت له إن زوجته طلبت منها تقديمه له بعد أن يتوفاها الله.. فماذا وجد في الصندوق؟
! زجاجة عطر فارغة، وهي أول هدية قدمها لها بعد الزواج..وصورة لهما في ليلة زفافهم.
وكلمة(أحبك في الله) منقوشة على قطعة مستطيلة من الفضة وأعظم أنواع الحب هو الذي يكون في الله
ورسالة قصيرة سأنقلها لكم :
الـــرســــــالـــة :
زوجي الغالي.
لاتحزن على فراقي فو الله لو كتب لي عمر ثان لاخترت أن أبدأه معك ولكن أنت تريد وأنا أريد
والله يفعل ما يريد.
أختى فلانه:كنت أتمنى أن أراك عروسه قبل وفاتي.
أخى فلان:لاتقسى على أبنائك بضربهم فهم أحباب الله ولايحس بالنعمة غير فاقدها.
امى الحبيبه):أحسنت التصرف حين طلبت من زوجى ان يتزوج من غيري لأنه جدير بمن يحمل
أسمه من صالح الذرية ! صبرك الله على فراقى لاتحزنى وكونى قويه كعهدى بك.
ابى الحبيب ان الله مع الصابرين وقدر الله وما شاء فعل وعسى الله ان نتقابل فى علين انشاء الله كن صابرا .
كلمتي الأخيرة لك يا زوجي الحبيب أن تتزوج بعد وفاتي حيث لم يبق لك عذر، وأرجو أن تسمي
أول بناتك بأسمي، واعلم أني سأغار عليك من زوجتك الجديدة حتى وأنا في قبري.
فانا احببتك فى حياتى واحبك فى قبرى
[b]