لا يمكن بأي حال من الأحوال إجراء مقارنة بين طباع وسلوك المرأة والرجل، فهما مختلفان اختلافاَ تاماَ. هذا الاختلاف ليس حالة مرضية عند أحد الطرفين، كل ما يجب فعله هو تفهم كل طرف لخصائص الشريك رغم غرابة سلوكه وتصرفاته في بعض الأحيان ومن الخطأ أن ينكر أحدهما على الآخر هذا الحق.
الفرق في أصل الخلقة فطبيعة عقل الرجل "صندوقية " بينما عقل المرأة شبكية عنكبوتية ، الرجل يحتاج ان يتصرف على طبيعته كرجل كما تحتاج المرأة أن تتصرف وفق طبيعتها كإمرأة. عقل الرجل عبارة عن صناديق مُحكمة الإغلاق، وغير مختلطة.
هناك صندوق السيارة وصندوق البيت وصندوق الأهل وصندوق العمل وصندوق الاولاد وصندوق الأصدقاء وصندوق المقهي الخ ، وإذا أراد الرجل شيئاً فإنه يذهب إلى هذا الصندوق ويفتحه ويركز فيه، وعندما يكون داخل هذا الصندوق فإنه لا يرى شيئاً خارجه. وإذا انتهي أغلقه بإحكام ثم شرع في فتح صندوق آخر وهكذا.
وهذا هو ما يفسر أن الرجل عندما يكون في عمله ، فإنه لا ينشغل كثيراً بما تقوله زوجته عما حدث للأولاد، وإذا كان يُصلح سيارته فهو أقل اهتماماً بما يحدث لأقاربه ، وعندما يشاهد مبارة لكرة القدم فهو لا يهتم كثيراً بأن الطعام على النار يحترق.
لكن عقل المرأة شيء آخر : إنه مجموعة من النقاط الشبكية المتقاطعة والمتصلة جميعاً في نفس الوقت والنشطة دائماً .. كل نقطه متصله بجميع النقاط الأخرى مثل صفحة مليئة بالروابط على شبكة الإنترنت وبالتالي فهي يمكن أن تطبخ وهي تُرضع صغيرها وتتحدث في التليفون وتشاهد المسلسل في وقت واحد. كما أنها يمكن أن نتنقل من حالة إلى حالة بسرعة ودقه ودون خسائر كبيرة ، ويبدو هذا واضحاً في حديثها فهي تتحدث عما فعلته بها جارتها والمسلسل التركي وما قالته لها حماتها ومستوى الأولاد الدراسي ولون ومواصفات الفستان الذي سترتديه في حفلة الغد ورأيها في الحلقة الأخيرة لنور ومهند وعدد البيضات في الكيكة في مكالمة تليفونية واحدة ، أو ربما في جملة واحدة بسلاسة متناهية ، وبدون أي إرهاق عقلي ، وهو ما لا يستطيعه أكثر الرجال احترافاً وتدريباً. والأخطر أن هذه الشبكة المتناهية التعقيد تعمل دائماً ، ولا تتوقف عن العمل حتى أثناء النوم ، ولذلك نجد أحلام المرأة أكثر تفصيلاً من أحلام الرجل.
أما المثير للانتباه في صناديق الرجل أن لديه صندوقا اسمه : " صندوق اللاشيء " ، فهو يستطيع أن يفتح هذا الصندوق ثم يختقى فيه عقلياً ولو بقي موجوداً بجسده وسلوكه. يمكن للرجل أن يفتح التليفزيون ويبقى أمامه ساعات يقلب بين القنوات في بلاهة ، وهو في الحقيقة يصنع لا شيء . يمكنه أن يفعل الشيء نفسه أمام الإنترنت. يمكنه أن يذهب ليصطاد فيضع الصنارة في الماء عدة ساعات ثم يعود كما ذهب ، تسأله زوجته ماذا اصطدت فيقول : لا شيء لأنه لم يكن يصطاد ، كان يصنع لا شيء..
وتأتى المشكلة عندما تُحدث الزوجة الشبكية زوجها الصندوقي فلا يرد عليها ، هي تتحدث إليه وسط أشياء كثيرة أخرى تفعلها ، وهو لا يفهم هذا لأنه - كرجل - يفهم انه إذا أردنا أن نتحدث فعلينا أن ندخل صندوق الكلام وهي لم تفعل. وتقع الكارثة عندما يصادف هذا الحديث الوقت الذي يكون فيه الرجل في صندوق اللاشيء . فهو حينها لم يسمع كلمة واحدة مما قالت حتى لو كان يرد عليها. ويحدث كثيراً أن تقسم الزوجة أنها قالت لزوجها خبراً أو معلومة ، ويُقسم هو أيضاً أنه أول مرة يسمع بهذا الموضوع ، وكلاهما صادق . لأنها شبكية وهو صندوقى .
الرجل الصندوقي بسيط والمرأة الشبكية مُركبة . واحتياجات الرجل الصندوقي محددة وبسيطة وممكنة وفي الأغلب مادية ، وهي تركز في أن يملأ أشياء ويُفرغ اخرى ...أما احتياجات المرأة الشبكية فهي صعبة التحديد وهي مُركبة وهي مُتغيرة . قد ترضيها كلمة واحدة ، ولا تقنع بأقل من عقد ثمين في مرة أخرى .. وفي الحالتين فإن ما أرضاها ليس الكلمة ولا العقد وإنما الحالة التي تم فيها صياغة الكلمة وتقديم العقد ..والرجل بطبيعته ليس مُهيئاً لعقد الكثير من هذا الصفقات المعقدة التي لا تستند لمنطق ، والمرأة لا تستطيع أن تحدد طلباتها بوضوح ليستجيب لها الرجل مباشرة .. وهذا يرهق الرجل ، ولا ترضى المرأة.
الرجل الصندوقي مُصمم على الأخذ ، والمرأة الشبكية مُصممه على العطاء . ولذلك فعندما تطلب المرأة من الرجل شيئاً فإنه ينساه ، لأنه لم يتعود أن يُعطي وإنما تعود أن يأخذ ويُنافس ، يأخذ في العمل ، يأخذ في الطريق ، يأخذ في المطعم ، بينما اعتادت المرأة على العطاء ، ولولا هذه الفطرة لما تمكنت من العناية بأبنائها.
أعد قراءة هذا الموضوع كل عدة أيام بمفردك أو مع شريك حياتك ، راجياً حياة صندوقية عنكبوتية تُفرح الجميع.