2010-04-19
تجربتنا في الاردن فيما يتعلق بالمناطق الخاصة بدأت تتبلور وتنمو بشكل واضح في عقلية راسم السياسة الاقتصادية منذ البدء بالسير في اقامة العقبة الاقتصادية في عام 2001 .
ورغم اختلاف تقييم المجتمع للمشروع الذي عارضته احدى الحكومات السابقة بشدة لاعتبارات مختلفة الا ان المنطقة بدأت تنمو وتزدهر وتشكل معلما من معالم المملكة المتميزة خاصة على الصعيد السياحي, وان كان التطور الصناعي فيها يسير بخطى بطيئة على غير المستهدف, فان تجربة العقبة تستحق الدراسة والتقييم لمعرفة ما اذا كان بالامكان تعميمها أم لا.
اقامة المناطق الخاصة بعد ذلك في المفرق واربد ومعان ودابوق لها ابعاد اقتصادية تنموية ايجابية وسلبية على المديين القصير والبعيد, الامر الذي يتطلب من الجهات المعنية تعظيم الاستفادة من المؤشرات الايجابية بشكل يجنبها قدر الامكان سلبيات ما قد ينتج من تلك المشاريع على صعيد التنمية المستدامة.
على المدى القصير فان المناطق الحرة الخاصة تساهم بشكل ايجابي في عملية اعادة توزيع الثروات والدخل بين طبقات المجتمع, فعلى سبيل المثال الاعلان عن اقامة منطقة حرة في المفرق ساهم في ارتفاع اسعار الاراضي في المحافظة عشرات الاضعاف, واحتلت عمليات البيوعات والشراء للعقارات في المفرق المراتب الاولى من بين المحافظات, واهالي عمان الاثرياء وعدد من رجال الاعمال المحليين والاجانب تهافتوا على شراء العقارات هناك بشكل مثير للجدل اذ يُعد هذا مؤشرا على انتقال اموال من أيدي الطبقة الغنية الى ابناء محافظة المفرق التي ترتفع فيها معدلات الفقر حسب تصنيف دراسة للبنك الدولي واكبر نسبة بطالة في صفوف ابنائها علما انها اكبر محافظة في المملكة من حيث المساحة والتي تبلغ ثلث مساحة المملكة في حين انها ثاني اقل محافظة من حيث الكثافة السكانية حيث لا يتجاوز عدد سكانها 257 ألف نسمة, وانا لا اعتقد ان من السهولة بمكان تحويل اموال الاراضي من المفرق الى المحافظات الاخرى خاصة الى عمان, فالذي اشترى دونم الارض بأربعة آلاف دينار بعد ان كانت قيمته لا تتجاوز 250 دينارا لن يتمكن من بيع عقاره بأعلى من السعر الذي اشتراه, لان الذين اشتروا هم فئة في عمان ومن المستحيل ان يقوم ابناء المفرق بشرائها من جديد, فهم باعوا كي يحسنوا وضعهم المعيشي الصعب. وهذا الكلام سينطبق على باقي المناطق الخاصة التي يتم اقامتها في باقي المحافظات.
اما على المدى البعيد فان ضمان استمرارية حيوية المناطق الخاصة مرهون بقدرتها على استقطاب استثمارات اجنبية قادرة على خلق فرص عمل لابناء المنطقة من جهة وتنشيط عجلة الاقتصاد بين القطاعات التنموية المساندة من جهة اخرى, وهذه العملية تتطلب مضاعفة جهود الترويج الاستثماري وتوفير حوافز غير "تقليدية" للمستثمر, وتوظيف تداعيات ما يدور من حولنا بشكل جيد وعدم الوقوف مكتوفي الايدي بانتظار رجال الاعمال الاجانب ان يأتوا الينا كما حدث في السابق حيث تلقفتهم دول الجوار بينما جاءنا القليل منهم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]أرشيف الكاتب